بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المُنْفَرِدُ بِالْإِيْجَادِ و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أفضل العباد و على أله و أصحابه أولىى البهجة و الرشاد و بعد فيقول العبد الفقير إلى رحمة ربه المتعالي محمد ابن الشافعي الفضالي الشافعي
*
قد سألني بعض الإخوان أن أؤلف رسالة فى التوحيد فأجبته إلى ذالك ناحيا نحو العلامة الشيخ السنوسي في تقرير البراهين غير أني أتيت بالدليل بجانب المدلول و زدته توضيحا لعلمي بقصور هذا الطالب فجاءت بحمد الله تعالى رسالة مفيدة و لتقرير ما فيها مجيدة و سميتها كفاية العوام فيما يجب عليهم من علم الكلام و الله تعالى أسئل أن ينفع بها و هو حسبي و نعم الوكيل
*
اعلم أنه يجب على كل مسلم أن يعرف خمسين عقيدة و كل عقيدة يجب عليه أن يعرف لها دليلا إجماليا أو تفصيليا قال بعضهم يشترط أن يعرف الدليل التفصيلي لكن الجمهور على أنه يكفي الدليل الإجمالي لكل عقيدة من هذه الخمسين
والدليل التفصيلي مثاله إذا قيل ما الدليل على وجوده تعالى أن يقال هذه المخلوقات فيقول له السائل المخلوقات دالة على وجود الله تعالى من جهة إمكانها أو من جهة وجودها بعد عدم فيجيبه وأما إذا لم يجبه بل قال له هذه المخلوقات فقط و لم يعرف من جهة إمكانها أو من وجودها بعد عدم فيقال له دليل إجمالي و هو كاف عند الجمهور
وأما التقليد و هو أن يعرف العقائد الخمسين و لم يعرف لها دليلا إجماليا أو تفصيليا فاختلف العلماء فيه فقال بعضهم لا يكفي التقليد و المقلد كافر و ذهب اليه ابن العربي و السنوسي و أطال في شرح الكبرى فى الرد على من يقول بكفاية االتقليد لكن نقل أن السنوسي رجع عن ذلك و قال بكفاية التقليد لكن لم نر في كتبه إلا القول بعدم كفايته
فاحرص على الفرق بينهما ولا تكن ممن قلد فى عقائد الدين فيكون ايمانك مختلفا فيه فتخلد فى النار عند من يقول لا يكفى التقليد
*
اعلم أن فهم العقائد الخمسين الأتية يتوقف على أمور ثلاثة الواجب و المستحيل و الجائز
فالواجب هو الذي لا يتصور فى العقل عدمه اي لا يصدق العقل بعدمه كالتحيزللجرم اي أخذه قدرا من الفراغ و الجرم كالشجر و الحجر فإذا قال لك شخص إن الشجرة لم تأخذ محلا من الأرض مثلا لا يصدق عقللك بذالك لأن أخذها محلا واجب لا يصدق العقل بعدمه فإذا قيل هنا القدرة واجبة لله كان المعنى قدرة الله لا يصدق العقل بعدمها لأن الواجب هو الذي لا يصدق العقل بعدمه كما تقدم
و المستحيل هو الذي لا يتصور فى العقل وجوده اي لا يصدق العقل بوجوده فإذا قال قائل إن الجرم الفلاني خال عن الحركة و السكون معا لا يصدق عقلك ذالك لأن خلوه عن الحركة و السكون مستحيل لا يصدق العقل بوقوعه و وجوده و إذا قيل العجز مستحيل عليه تعالى كان المعنى أن العجز لا يصدق العقل بوقوعه لله تعالى و وجوده و كذا يقال في باقى المستحيلات
و الجائز هو الذي يصدق العقل بوجوده تارة و بعدمه أخرى كوجود ولد لزيد فإذا قال قائل إن زيدا له ولد جوز عقلك صدق ذالك و إذا قال قائل إن زيدا لا ولد له جوز عقلك صدق ذالك فوجود ولد لزيد و عدمه جائز يصدق العقل بوجوده و عدمه
فهذه الأقسام الثلاثة يتوقف عليها فهم العقائد فتكون هذه الثلاثة واجبة على كل مكلف من ذكر و أنثى لأن ما يتوقف عليه الواجب يكون واجبا بل قال إمام الحرمين إن فهم هذه الثلاثة هي نفس العقل فمن لم يعرفها اي لم يعرف معنى الواجب و معنى المستحيل و معنى الجائز فليس بعاقل
بل قال إمام الحرمين إن فهم هذه الثلاثة هي نفس العقل فمن لم يعرفها اي لم يعرف معنى الواجب و معنى المستحيل و معنى الجائز فليس بعاقل
و أما الواجب بمعنى ما يثاب على فعله و يعاقب على تركه فهو معنى آخر ليس مرادا في علم التوحيد فلا يشتبه عليك الأمر
فإذا قيل هنا القدرة واجبة لله كان المعنى قدرة الله لا يصدق العقل بعدمها لأن الواجب هو الذي لا يصدق العقل بعدمه كما تقدم
نعم لو قيل يجب على المكلف اعتقاد قدرة الله تعالى كان المعنى يثاب على ذلك و يعاقب على ترك ذلك
ففرق بين أن يقال اعتقاد كذا واجب و بين أن يقال العلم مثلا واجب لانه اذا قيل العلم واجب لله تعالى كان المعنى ان علم الله تعالى لا يصدق العقل بعدمه و أما إذا قيل اعتقاد العلم واجب كان المعنى يثاب ان اعتقد ذالك و يعاقب ان لم يعتقد
*
التقليد هو أن يعرف العقائد ولم يعرف لها دليلا إجمليا أو تفصيليا و لا تكن ممن قلد في عقائد الدين فيكون ايمانك مختلفا فيه فتخلد فى النار عند من يقول لا يكفي التقليد
و قال السنوسي و ليس يكون الشخص مؤمنا اذا قال انا جازم بالعقائد و لو قطعت قطعا قطعا لا أرجع عن جزمي هذا بل لا يكون مؤمنا حتى يعلم كل عقيدة من هذه الخمسين بدليلها وتقديم هذا العلم فرض كما يؤخذ من شرح العقائد لأنه جعله أساسا ينبني عليه غيره
فلا يصح الحكم بوضوء شخص أو صلاته الا اذا كان عالما بهذه العقائد او جازما بها على الخلاف في ذالك
*
و لنذكر لك العقائد الخمسين مجملة قبل ذكرها مفصلة فاعلم أنه يجب له سبحانه و تعالى عشرون صفة و يستحيل عليه عشرون صفة و يجوز في حقه تعالى أمر واحد فهذه إحدى و أربعون و يجب للرسل أربعة و يستحيل عليهم أربعة و يجوز في حقهم عليهم الصلاة و السلام أمر واحد فهذه الخمسون و سيأتي تحرير الكلام عند ذكرها مفصلة إن شآء الله تعالى
*
الأول من الصفات الواجبة له تعالى الوجود و اختلف في معناه فقال غير الإمام الٲشعرى و من تبعه الوجود هي الحال الواجبة للذات ما دامت الذات و هذه الحال لا تعلل بعلة
و معنى كونها حالا أنها لم ترتق الى درجة الموجود حتى تشاهد و لم تنحط الى درجة المعدوم حتى تكون عدما محضا بل هي واسطة بين الموجود و المعدوم
فوجود زيد مثلا حال واجبة لذاته اي لا تنفكّ عنها و معنى قولهم لا تعلل بعلة أنها لم تنشأ عن شيء بخلاف كون زيد قادرا مثلا فانه نشأ عن قدرته
فكون زيد قادرا مثلا و وجوده حالان قائمان بذاته غير محسوسين بحاسّة من الحواس الخمس الا ان الأول له علة ينشأ عنها و هي القدرة و الثاني لا علة له
و هذا ضابط للحال النفسية و كل حال قائمة بذات غير معللة بعلة تسمى صفة نفسية و هي التي لا تعقل الذات بدونها اي لا تتصور الذات بالعقل و تدرك الا بصفتها النفسية كالتحيز للجرم فانك ان تصورته و ادركته ادركت انه متحيز و على هذا القول و هو كون الوجود حالا فذات الله تعالى غير وجوده و ذوات الحوادث غير وجوداتها
وقال الأشعري و من تبعه الوجود عين الموجود فعلى هذا وجود الله عين ذاته غير زائد عليه فى الخارج و وجود الحادث عين ذاته و على هذا لا يظهر عد الوجود صفة لان الوجود عين الذات و الصفة غير الذات بخلافه على القول الأول فان جعله صفة ظاهر و معنى وجوب الوجود له تعالى على الأول ان الصفة النفسية التي هي حال ثابتة له تعالى و معناه على الثاني ان ذاته تعالى موجودة محققة فى الخارج بحيث لو كشف عنا الحجاب لرأيناها فذات الله تعالى محققة الا ان الوجود غيرها على الأول و هي هو على الثاني
*
والدليل على وجوده تعالى حدوث العالم اى وجوده بعد عدم والعالم اجرام كالذوات واعراض كالحركة والسكون والالوان وانما كان حدوث العالم دليلا على وجود الله تعالى لٲنه لايصح ٲن يكون حادثة بنفسه من غير موجد يوجده لانه قبل وجوده كان وجوده مساويا لعدمه
فلما وجد وزال عدمه علمنا ٲن وجوده ترجح على عدمه وقد كان هذا الوجود مساويا للعدم فلا يصح ٲن يكون ترجح على العدم بنفسه فتعين أن له مرجحا غيره وهو الذي اوجده لان ترجح احد الامرين المتساويين من غير مرجح محال مثلا زيد قبل وجوده يجوز أن يوجد في سنة كذا ويجوز أن يبقى على عدمه فوجوده مساويا لعدمه فلما وجد وزال عدمه فى الزمن الذى وجد فيه علمنا أن وجوده بموجد لا من نفسه
فحاصل الدليل أن تقول العالم من اجرام واعراض حادث اى موجد بعد عدم وكل حادث لابدله من محدث فينتج أن العالم لا بدله من محدث وهذاالذى يستفاد بالدليل العقل واما كون المحدث يسمى بلفظ الجلالة الشريف وببقية الاسماء فهو مستفاد من الانبياء عليهم افضل الصلاة والسلام فتنبه لهذه المسٔلة وهاذ الدليل الذى سبق وهو حدوث العالم دليل وجوده تعالى
*
واما الدليل على حدوث العالم فاعلم أن العالم اجرام واعراض فقط كما تقدم والاعراض كالحركة والسكون حادثة بدليل انك تشاهدها متغيرة من وجود الى عدم ومن عدم إلى وجود كما تراه فى حركة زيد
فانها تنعدم إن كان ساكنا وسكونه ينعدم ان كان متحركا فسكونه الذى بعد حركته وجد بعد ان كان معدوما بلحركة وحركته التى بعد سكونه وجدت بعد ان كانت معدومة بسكونه والوجود بعد العدم هو الحدوث فعلمت أن الاعراض حادثة
والاجرام ملازمة للاعراض لانه تخرج عن حركة وسكون وكل ملازم الحادث فهو حادث اى موجود بعد عدم والاجرام حادثة ايضا كالاعراض فحاصل الدليل أن تقول الاجرام ملازمة للاعراض الحادث وكل ما لازم الحادث حادث فينتج ان الاجرام حادثة وحدوث الامرين اعنى الاجرم والعراض اى وجودهما بعد عدم دليل وجوده تعالى لان كل حادث لابدله من محدث ولا محدث للعالم الاالله تعالى وحده لا شريكله كما سيأتى فى دليل الوحدانية له تعالى
وهذا هو الدليل الاجمالى الذي يجب على كل مكلف من ذكر او انثى معرفته كما يقول ابن العربى والسنوسى ويكفران من لم يعرفه فاحذر ان يكون فى ايمانك خلاف
*
الصفة الثانية الواجبة له تعالى القدم ومعناه عدم الاولية فمعنى كون الله تعالى قديما لاول لوجوده بخلاف زيد مثلا فوجوده له اول وهو خلق النطفة التى خلق منها
وختلف هل القديم والازلى بمعنى واحد اومختلفان فمن قال بالاول عرفهما بقوله ما لا اول له ويفسر ما بشى اى القديم والازلى الشئ الذى لا اول له فيشمل ذات الله وجميع صفاته ومن قال بالثانى عرف القديم بقوله موجود لا اول له وعرف ألازلى بما لا اول له اعم من ان يكون مجودا او غير موجود فهو اعم من القديم
فيجتمعان فى ذاته تعالى وصفاته الوجددية فيقال لذاته تعالى ازلية ولقدرته تعالى ازليه وينفرد الازلى فى الاحوال ككون الله تعالى قادرا على القول بها فان كون الله تعالى قادرا يقال له ازلى على هذا القول ولا يقال له قديم لما عرفت ان القديم لا بد فيه الوجود واكون قادرا لم يرتق الى درجة الوجود لانه حال
*
والدليل على قدمه تعالى انه اذا لم يكن قديما كان حادثا لانه لا واسطة بين القديم والحادث فكل شئ انتفى عنه القدم ثبت له الحدوث واذا كان تعالى حادثا افتقر الى محدث يحدثه وافتقر محدثه الى محدث وهكذا
فان لم تقف المحدثون لزم التسلسل وهو تتابع الاشياء واحد بعد واحد الى ما لا نهاية والتسلسل محال وان انتهت المحدتون بان قيل ان المحدث الذى احدث الله احدثه الله لزم الدور وهو توقف شئ اخر توقف عليه فانه اذا كان لله تعالى عز وجل محدث كان متوقفا على هذا المحدث وقد فرضنا ان الله احدث هذا المحدث فيكون المحدث متوقفا على الله
والدور محال اى لا يتصور فى العقل وجوده والذى ادى الى الدر والتسلسل المحلين فرض حدوثه تعالى عزوجل فيكون حدوثه تعالى محالا لان كل شئ يؤدى الى المحال محال فحاصل الدليل ان تقول لو كان الله غير قديم بان كان حادثا لا فتقر الى محدث فيلزم الدر او التسلسل وهما محالان فيكون حدوثه محالا فثبت قدمه وهو المطلب
وهذا الدليل الاجمال لقدمه تعالى وبه يخرج المكلف من ريقة التقليد الذى يخلد صاحبه فى النار على رأى ابن العربى والسنوسى كما تقدم
*
الصفة الثالثة الواجبة له تعالى البقاء ومعناه عدم الاخرية للوجود فمعنى كون الله تعالى بقيا انه لا اخر لوجوده
والدليل على بقائه تعالى انه لو جاز يلحقه العدم لكان حادثا فيفتقر الى محدث ويلزم الدور او التسلسل وقد تقدم تعريف كل واحد منهما فى دليل القدم وتوضيحه ان الشئ الذى يجوز عليه العدم ينتفى عنه القدم لان كل من لحقه العدم يكون وجوده جائزا وكل جائز الوجود يكون حادثا و كل حادث يفتقر الى محدث وهو تعالى ثبت له القدم بالدليل المتقدم وكل ما ثبت له القدم استحال عليه العدم فدليل البقاء له تعالى هو دليل القدم
وحاصله ان تقول لو لم يجب البقاء بان كان يجوزعليه العدم لانتفى عنه القدم والقدم لا يصح انتفائه عنه تعالى للدليل المتقدم وهذا هو الدليل الاجمالى للبقاء الذى يجب على كل شخص ان يعلمه وهكذا كل عقيدة يجب ان يعلمها ويعلم دليلها الاجمالى فاذا عرف بعض العقائد بدليله ولم يعرف الباقى بدليله لم يكف فى الايمان على رأى من لم يكتف بالتقليد
*
الصفة الرابعة الوجبة له تعالى المخالفة للحوادث اى المخلوقات
فالله مخالف لكل مخلوق من انس وجن وملك وغيرها فلايصح اتصافه تعالى باوصاف الحوادث من مشى وقعود وجوارح فهو تعالى منزه عن الجوارح من فم وعين واذن وغيرها فكل ما خطر ببالك من طول و عرض و قصر و سمن فالله تعالى بخلافه تنزه الله تعالى عن جميع أوصاف الخلق
والدليل على وجوب المخالفة له تعالى انه لو كان شئ من الحوادث يماثله تعالى اى اذا كان الله تعالى لو فرض اتصافه بشئ مما اتصف به الحادث لكان حادثا
واذا كان الله تعالى حادثا لا فتقر الى محدث ومحدثه الى محدث وهكذا ويلزم الدور او التسلسل وكل منهما محال وحاصل الدليل ان تقول لوشابه الله تعالى حادثا من الحوادث فى شئ لكان حادثا مثله لان ما جاز على احد المثلين جاز على الاخر وحدوثه تعالى مستحيل لانه تعلى واجب له القديم
واذا التفى عنه تعالى الحدوث ثبت مخالفته تعالى للحوادث فليس بينه تعالى وبين الحوادث مشابهة فى شئ قطعا وهذا هو الدليل الاجمالى الواجب معرفته كما تقدم
*
الصفة الخامسة الواجبة له تعالى القيام بالنفس اى بالذات ومعناه الاستغناء عن المحل والمخصص والمحل الذات والمخصص الموجد
فمعنى كون الله تعالى قائما بنفسه انه غنى عن ذات يقوم بها وغنى عن موجد لانه تعالى هو الموجد للاشياء
والدليل على انه تعالى قائم بنفسه ان تقول لوكان الله تعالى محتاجا الى المحل اى ذات يقوم بها كما افتقر البياض الى الذات التى يقوم بها لكان صفة كما ان البياض مثلا صفة
والله تعالى لا يصح ان يكون صفة لانه تعالى متصف بالصفات والصفة لا تتصف بالصفة فليس الله تعالى بصفة
و لو افتقر كون الله تعالى موجد يوجده لكان حادثا ومحدسه يكون حادثا ايضا ويلزم الدور اوالتسلسل فثب انه تعلى هو الغنى المطلق اى غنى عن كل شئ
واما غى الخلق فهو غنى مقيد او عن شئ دون شئ والله يتولى هداك
*
الصفة السادسة الواجبة له تعالى الوحدانية فى الذات والصفات والافعل بمعنى عدم التعدد
ومعنى كون الله تعالى واحدا فى ذاته ان ذاته تعالى ليست مركبة من اجزاء والتركيب يسمى كما متصلا و بمعنى انه ليس ذات فى الوجود لا فى الامكان تشبه ذاته تعالى وهذه المشابهة المستحيلة تسمى كما منفصلا فالوحدانية فى الذات نفت الكمين المتصل فى الذات والمنفصل
ومعنى وحدته تعلى فى الصفات انه ليس له ثعالى صفتان متفقتان فى الاسم والمعنى كقدرتين علمين وارادتين فليس له تعالى الا قدرة واحدة وارادة واحدة وعلم واحدة خلافا لابى سهل القائل بان له تعلى علوما بعدد المعلومات وهذا اعنى التعدد فى الصفات يسمى كما متصلا فى الصفات
وبمعنى انه ليس لاحد صفة تشبه صفة من صفاته تعالى وهذا اعنى كون لاحد صفة الى اخره يسمى كما منفصلا فى الصفات فالوحدة فى الصفات نفت الكم المتصل والمنفصل فيها
ومعنى وحدته تعالى فى الافعالى انه ليس لاحد من المخلوقات فعل لانه تعالى الڂالق لافعال المڂلوقات من الانبياء والملائكة وغيرها
واما ما يقع من موت شخص اوايذائه عند اعتراضه مثلا على ولى من الاولياء فهو بخلق الله تعالى يخلقه عند غضب الولى على هذا المعترض
ولا تفسر الوحدة فى الافعال بقولك ليس لغير الله فعل كفعله لانه يقتضى انه لغير الله فعل لكنه ليس كفعل الله وهو باطل بل هو الله تعالى الخالق للافعال كلها
فالذى وقع منك من حركة يدك عند ضرب زيد مثلا بخلق الله تعالى قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون
وكون غير الله تعالى له فعل يسمى كما منفصلا فى الافعال
فالوحدانية الواجبة له تعالى نفت الكموم الخمسة المستحيلة فالكم المتصل فى الذات تركيبهما من اجزاء والكم المنفصل فيها ان يكون لها ذات تشبهها والكم المتصل في الصفات ان يكون له تعالى قدرتان مثلا والكم المنفصل فيها ان يكون لغيره تعالى صفة تشبه صفة من صفاته تعلى والكم المنفصل فى الافعال ان يكون لغيره تعلى فع
وهذه الكموم الخمسة انتفت بالوحدانية له سبحانه ومعنى الكم العدد
والدليل على وجوب الوحدانية له تعالى وجود العالم
فلو كان له شريك فى الالوهية لا يخلو الامر اما ان يتفقا على وجود العالم بان يقول احدهما انا اوجده ويقول الاخر انا اوجده معك لنتعاون عليه واما ان يختلفا فيقول احدهما انا اوجد لعالم بقدرتى ويقول الاخر انا اريد عدم وجوده
فان اتفقا على وجود العالم بان اوجداه معا ووجد بفعلهما لزم اجتماع مؤثرين على اثر واحد وهو محال
وان اختلفا فلا يخلو اما ان ينفذ مراد احدهما او لا ينفذ مراد احدهما فانفذ مراد احدهما دون الاخر كان الذي لم ينفذ مراده عاجزا وقد فرضنا انه مساو فى الالوهية لمن نفذ مراده فاذا ثبت العجز لهذا ثبت العجز للاخر لانه مثله وان لم ينفذ مراد هما كانا عجزين
وعلى كل سواء اتفقا واختلفا يستحيل وجود شىء من العالم لانهما ان اتفقا على وجوده يلزم اجتماع مؤثرين على اثر واحد ان نفذ مرادهما وهو محال فلا يتاتى تنفيذ مرادهما فلا يصح ان يوجد شىء فى العالم حينئذ
وان اختلفا ونفذ مراد احدهما كان الاخر عاجزا وهذا مثله فلا يصح ان يجدو شيئا من العالم لانه عاجز فلم يكون الاله الا واحدا
وان اختلفا ولم ينفذ مرادهما كانا عاجزين فلم يقدرا على وجود شيء من العالم والعالم موجود بالمشاهده فثبت ان الاله واحد وهو المطلب
فوجود العالم دليل على وحدانية تعالى وعلى انه لا شريك له فى فعل من الافعال ولا واسطة له فى فعل جل تعال وهو الغى الغنى المطلق
و من هذا الدليل يعلم انه لا تأثير لشيء من النار والسكين والاكل فى الاحراق والقطع والسبع بل الله تعالى يخلق الاحراق فى الشئ الذى مسته النار عند مسها له ويخلق القطع فشئ الذى باشرته السكين عند مباشرتها له ويخلق السبع عند الاكل والرى عند الشرب
فمن اعتقدان النار محرقة بطبعها والماء يرى بطبعه وهكذ فهو كافر باجماع
ومن اعتقد انها محرقة بقوة خلقهاالله فيها فهو جاهل فاسق لعدم علمه بحقيقة الوحدانية
وهذا هو الدليل الاجمالى الذى يجب على كل شخص معرفته من ذكر وانثى ومن لم يعرفه فهو كافر عند السنوسى وابن العربى والله تعالى يتولى هداك
والقدم والبقاء والخالفه للحوادث والقيام بالنفس والوحدانية صفة سلبية اى معناها سلب ونفى لان كل منها نفى عن الله عز وجل ما لا يليق به
*
الصفة السابعة الواجبة له تعالى القدرة وهى صفة تؤثر فى الممكن الوجود او العدم
ومعنى التعلق اى طلب الصفة امرا زائدا على قيامها بالذات
فتتعلق بالمعدوم فتوجده كتعلقها بك قبل وجودك وتتعلق الموجود فتعدمه كتعلقها بالجسم الذى ارادالله اعدامه فيصيربها معدوما اى لا شى
وهذا التعلق تنجيزى بمعنى انها تعلقت بالفعل والتعلق التنجيزى حادث
ولها تعلق صلوحى قديم وهو صلاحيتها فى الازل للايجاد فهى صالحة فى الازل لان توجد زيدا طويلا او قصيرا او عريضا وصالحة لإعطائه العلم
وتعلقها التنجيزى مختص بالحال الذى عليه زيد
فلها تعلقان تعلق صلوحى قديم وهو ما مر وتعلق تنجيزى حادث وهو تعلقها بالمعدوم فتوجده وبالموجود فتعدمه
وهذا اعنى تعلقها بالموجود وبالمعدوم تعلق حقيقى
ولها تعلق مجازى وهو تعلقها بالموجود بعد وجوده وقبل عدمه كتعلقها بنا بعد وجودنا وقبل عدمنا ويسمى تعلق قبضة بمعنى ان الوجود فى قبضة القدرة انشاءالله ابقاه على وجوده وان شاء اعدمه بها
وكتعلقها بالمعدم قبل ان يريدالله تعالى وجوده كتعلقها بزيد فى زمن الطوفان فهو تعلق قبضة ايضا بمعنى ان المعدوم فى قبضة القدرة انشاءالله ابقاه على عدمه وانشاء اخرجه من العدم الى الوجود
وكتعلقها بنا بعد موتنا و قبل البعث فيسمى تعلق قبضة ايضا بمعنى ما تقدم
فلها سبع تعلقات تعلق صلوحى قديم وتعلق قبضة وهو تعلقها بنا قبل ان يريد الله وجودنا وتعلق بالفعل وهوايجاد الله تعالى اشئ بها وتعلق قبضة وهو تعلقها بشئ بعد وجوده وقبل ان يريدالله عدمه وتعلق بالفعل وهو اعدام الله اشئ بها وتعلق قبضة بعد عدمه وقبل البعث وتعلق بالفعل وهو ايجاد الله لنا يم البعث
لكن التعلق الحقيقى من ذلك تعلقان هو ايجاد الله بهاواعدامه بها وهذا على التفصيل
واما الاجمالى فلها تعلقان كما هو الشائع تعلق صلوحى وتعلق تنجيزى لكن التنجيزى خاص بالايجاد والاعدام
وماتقدم انها تتعلق بالوجود وبالعدم هو رأى الجمهور وقال بعضهم لاتتعلق بالعدم فاذا اراد الله عدم شخص منع عنه الامدادات التى هى سبب فى بقائه
*
الصفة الثامنة الواجبة له تعالى الإرادة وهى صفة تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه
فزيد مثلا يجوز عليه الطول والقصر فالارادة خصصته بالطول مثلا واما القدرة فهى تبرز الطول من العدم الى الوجود فالارادة تخصص والقدرة تبرز
والممكنات التى تتعلق بها القدرة والارادة ستة الوجود والعدم والصفات كالطول والقصر والازمنة والامكنة والجهات وتسمى الممكنات المتقابلات
فالوجود يقابل العدم والطول يقابل القصر وجهة فوق يقابل جهة تحت و مكان كذا كمصر يقابل غيره كالشام مثلا”
وحاصل ذالك ان زيدا قبل وجوده يجوز عليه ان يبقى على عدمه ويجوز ان يوجد فى هذا الزمن
فاذا وجد فقد خصصت الارادة وجوده بدلا عن عدمه والقدرة ابرزت الوجود ويجوز ان يوجد فى زمن الطوفان وفى غيره
فالذى خصص وجوده فى هذا الزمان دون غيره هو الارادة
ويجوز ان يكون طويلا او قصيرا فالذى خصص طوله بدلا عن القصر الارادة
ويجوز ان يكون فى جهة فوق فالذى خصصة فى جهة تحت كالارض الارادة
والقدرة والارادة صفتان قائمتان بذاته تعالى موجودتان لو كشف الحجاب لراينا هما
ولا تعلق لهما الا بالممكن فلا يتعلقان بالمستحيل كالشريك تنزه الله تعالى عنه ولا بالواجب كذاته تعالى وصفاته
ومن الجهل قول من قال ان الله قادر ان يتخذ ولدا لانه لا تعلق للقدرة بالمستحيل واتخاذ الولد مستحيل
ولا يقال انه اذا لم يكن قادر على اتخاذ الولد كان عاجزا لان نقول انما يلزم العجز لو كان المستحيلل من وظيفة القدرة ولم تتلق به مع انه ليس من وظيفتها ال الممكن
والارادة تعلقان تعلق صلوحي قديم وهو صلاحيتها للتخصيص ازلا
فزيد الطويل او القصير يجوز ان يكون على غير ما هو عليه باعتبار صلاحية الارادة فهيى صالحة لان يكون زيد سلطانا وان يكون زبالا باعتبار التعلق الصلوحى
ولها تعلق تنجيزى قديم وهو تخصيص الله تعالى الشئ بالصفة التى هو عليها فالعلم الذى اتصف به بارادته
فتخصيصه بالعلم مثلا قديم ويسمى تعلقا تنجيزيا قديما وصلاحيتها لتخصيصه بالعلم وغيره باعتبار ذاتها بقطع النظر عن التخصيص بالفعل يسمى تعلقا صلوحيا قديما
فتخصيصه بالعلم مثلا قديم ويسمى تعلقا تنجيزيا قديما وصلاحيتها لتخصيصه بالعلم وغيره باعتبار ذاتها بقطع النظر عن التخصيص بالفعل يسمى تعلقا صلوحيا قديما
وقال بعضهم لها تعلق تنجيزى حادث وهو تخصيص زيد بالطول مثلا حين يوجد بالفعل هذا يكون لها ثلاث تعلقات لكن التحقيق ان هذا الثالث ليس تعلقا بل هو اظهار للتعلق التنجيزى القديم
وتعلق القدرة والاردة عام لكل ممكن حتى ان الخطرات التى تخطر على قلب الشخص مخصصة بارادة تعالى ومخلوقة بقدرته تعالى كما ذكره الشيخ ملوى فى بعض كتبه
واعلم ان نسبة التخصيص للارادة والابراز والايجاد للقدرة مجاز والمخصص حقيقة هو الله تعالى بارادته والمبرز والموجد حقيقة هوالله جل وعلا بقدرته
فقول العامة القدرة تفعل بفلان كذا ان اراد القائل ان الفعل للقدرة حقيقة او لها وللذات كفر والعياذ بالله تعالى بل الفعل لذاته تعالى بقدرته
*
الصفة التاسعة الواجبة له تعالى العلم وهو صفة قديمة بذاته تعالى موجودة ينكشف بها المعلوم انكشافا على وجه ١لاحاطة من غير سبق خفاء
وتتعلق بالواجبات والجائزات والمستحيلات فيعلم ذاته تعالى وصفاته بعلمه ويعلم الموجودات كلها والمعدومات كلها بعلمه ويعلم المستحيلات بمنى انه يعلم ان الشريك مستحيل عليه تعالى ويعلم انه لووجد لترتب عليه فساد تنزه الله عن الشريك وتعالى علوا كبيرا
وله تعلق تنجيزى قديم فقط فالله تعالى يعلم هذه المذكورات ازلا علما تاما لا على سبيل الظن والشك لان الظن والشك مستحيلان عليه تعالى
ومعنى قولهم من غير سبق حفاء انه تعال يعلم الاشياء ازلا وليس الله تعالى كان يجهلها ثم علمها تنزه سبحانه تعالى عن ذلك
واما الحادث فيجهل الشئ ثم يعلمه و ليس للعلم تعلق صلوحى بمعنى انه صالح لان ينكشف به كذ لانه يقتضى ان كذا لم ينكشف بالفعل وعدم انكشافه بالفعل جهل تنزه الله تعالى عنه
*
الصفة العاشرة الواجبة له تعالى الحياة وهى صفة تصحح لمن قامت به الادراك كالعلم والسمع والبصر اى يصح ان يتصف بذلك
ولا يلزم من الحياة الاتصاف بالادراك بالفعل وهى لا تتعلق بشئ موجود او معدوم
والدليل على وجوب القدرة والارادة والعلم والحياة وجود هذه الخلوقات لانه لوانتق شيئ من هذه الاربعة لما وجود مخلوق فلما وجدت المخلوقات عرفنا ان الله تعالى متصف بهذه الصفات
ووجه توقف وجود هذه المخلوقات على هذه الاربع ان الذى يفعل شئا لا يفعله الا اذا كان عالما بالفعل ثم يريد الامر الذى يفعله وبعد ارادته يباشر فعله بقدرته ومن المعلوم ان الفاعل لابد وان يكون حيا
والعلم والاراة والقدرة تسمى التأثير لتوقف التأثير عليها لان الذى يريد شيئا ويقصده لابد وان يكون عالما به قبل قصده له ثم بعد قصده له يباشر فعله
مثلا اذا كان شئ فى بيتك واردت اخذه فعلمك سابق على ارادتك لاخذه وبعد ارادتك اخذه تأخذه بالفعل
فتعلق هذه الصفات على ترتيب فى حق الحادث فاولا يوجد العلم بالشئ ثم قصده ثم فعله
واما فى حقه تعالى لا تريب فى صفاته الا فى التعقل فاولا تتعقل ان العلم سابق ثم الارادة ثم القدرة
اما فى التأثير فالخارج فلا ترتيب فى صفاته تعالى فلا يقال تعلق العلم بالفعل ثم الارادة ثم القدرة لان هذا فى حق الحادث وانما الترتيب بحسب تعقلنا فقط
*
الصفة الحادية عشرة والثانية عشرة من صفاته تعالى السمع ولبصر وهما صفتان قائمتان بكل موجود ان ينكشف بهما كل موجود واجبا كان اوجائزا
فالسمع والبصر يتعلقان بذاته تعالى وصفاته اى ذاته تعالى وصفاته منكشفة له تعلى بسمعه وبصره زيادة على الانكشاف بعلمه
وزيد وعمر والحائط يسمع الله تعالى ذواتها ويبصرها ويسمع صوت صاحب الصوت ويبصره اى الصوت
فان قلت سماع الصوت ظاهر واما سماع ذات زيد ذات الحائط غير ظاهر وكذالك تعلق البصر بالاصوات لان الاصوات تسمع فقط قلنا يجب علينا الايمان بانهما متعلقان بكل موجود واما كيفية التعلق فهى مجهولة لنا
فالله تعالى يسمع ذات زيد ولا نعرف كيفية تعلق السمع بها وليس المراد انه يسمع مشى ذات زيد لان سماع مشيه داخل فى سماع الا صوات والله تعالى يسمع الاصوات كلها
بل المراد انه يسمع ذات زيد وجثته زيادته على سماع مشيه مثلا لكن لا نعرف كفيته تعلق سماع الله تعالى بنفس الذوات
وهذا ما كلف به الشخص من ذكر وانثى وبالله التوفيق
والدليل على السمع والبصر قوله تعالى ان الله سميع بصير
واعلم ان تعلق السع والبصر بالنسبة للحوادث تعلق صلوحى قديم قبل وجودها وبعد وجدها تعلق تنجيزى حادث اى انها بعد وجودها منكشفة له تعلى بسمعه وبصره زيادة على الانكشاف بالعلم فلهما تعلقان
اما بالنسبة له تعالى وصفاته فتعلق تنجيزى قديم بمعنى ان ذاته تعالى وصفاته منكشفة له تعالى ازلا بسمعه وبصره فسمعه تعالى ذاته وجميع صفاته الوجودية من قدرة وسمع وغيرهما ولا نعرف كيفية التعلق ويبصر تعالى ذاته وصفاته الوجودية من قدرة وبصر وغيرهما ولا ندر كيفية التعلق
وما تقدم ان السمع والبصر يتعلقان بكل موجود هو رأى السنوسى ومن تبعه وهو المرجح
وقيل السمع لا يتعلق الا بالاصوات والبصر الا بالمبصرات
وسمع الله تعالى ليس باذن ولا صماخ وبصره ليس بحدقة ولا اجفان تنزه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا
*
الصفاة الثالثة عشرة من صفاته تعالى الكلام وهى صفة قديمة قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولاصوت منزهة عن التقدم والناخر والاعراب والبناء بخلاف كلام الحوادث
وليس المراد بكلامه تعالى الواجب له تعالى الالفاظ الشريفة المنزلة على النبى صلى الله عليه وسلم لان هذه حادثة والصفة القائمة بذاته تعالى قديمة
وهذه مشتملة على تقدم وتاخر واعراب وسور وايات والصفة القديمة خالية عن جميع ذلك فليس فيها ايات ولا سور ولا اعراب لان هذه تكون للكلام المشتمل على حروف واصوات والصفة القديمة منزهة عن الحروف والاصوت كما تقدم
وليست هذه الالفاظ الشريفة دالة عن الصفة القديمة بمعنى ان الصفة القديمة تفهم منها بل ما يفهم من هذه الالفاظ مساو لما يفهم من الصفة القديمة لو كشف عنا الحجاب وسمعناها
فحاصله ان الالفاظ هذه تدل على معنى وهذا المعنى مساو لما يفهم من الكلام القديم القائم بذاته تعالى فاحرص على هذا الفرق فانه يغلط فيه كثير
ويسمى كل من الصفة القديمة ولالفاظ الشريفة قرانا وكلام الله الا ان الالفاظ الشريفة مخلوقة مكتوبة فى اللوح المحفوظ نزل بها جبريل عليه السلام على النبى صل الله عليه وسلم بعد ان نزلت في ليلة القدر في بيت العزة محل في سماء الدنيا كتبت فى صحف ووضعت فيه
قيل نزلت فى بيت العزة دفعة واحة ثم نزلت عليه صلى الله عليه وسلم فى عشرين سنة وقيل فى ثلاث وعشرين وقيل فى خمس وعشرين
وقيل كان ينزل فى بيت العزة فى ليلة القدر بقدر ما ينزل كل سنة ولم ينزل فى بيت العزة دفعة واحدة
والذى ينزل عليه صلى الله عليه وسلم اللفظ والمنى وقيل نزل عليه المعنى فقط
واختلف القائلون بهذا فقال بعضهم عبر النبى صلى الله عليه وسلم عن المعنى بالالفاظ من عنده وقيل الذى عبر عنهما جبريل عليه السلام
والتحقيق انها نزلت لفظا ومعنى وبالجملة فالصفة القائمة بذاته تعالى قديمة ليست بحرف ولا صوت
واستشكل المعتزلة وجود كلام من غير حروف فاجاب اهل السنة بان حديث النف كلام يتكلم به الشخص فى نفسه من غير حرف ولا صوت فقد وجد كلام من غير حرف ولا صوت
وليس مراد اهل السنة تشبيه كلامه تعالى بحديث النفس لان كلامه تعالى قديم وحديث النفس حادث بل مرادهم الرد على المعتزلة فى قولهم لا يوجد كلام من غير حرف ولا صوت
ودليل وجوب الكلام له تعالى قوله تعلى وكلم الله موسى تكليما فقد اثبت لنفسه كلاما
والكلام يتعلق بما يتعلق به العلم من الواجب والجائز والمستحيل لكن تعلق العلم بها تعلق انكشاف بمعنى انها منكثفة له تعالى بعلمه وتعلق الكلام بها تعلق دلالة بمعنى انه لوكشف عنا الحجاب وسمعنا الكلام القديم لفهمنا ها منه
*
الصفة الرابعة عشرة من صفاته الواجبة له تعالى كونه قادرا وهى صفة قائمة بذاته تعالى غير موجودة وغير معدومة
وهى غير القدرة وبينهما وبين القدرة تلازم فمتى وجدت القدرة فى ذات وجد فيها الصفة المسماة بالكون قادرا سواء كانت الذات قديمة او حديثة
فذات زيد خلق الله تعالى فيها القردة على الفعل و خلق فيها صفة تسمى كون زيد قادرا وهذه الصفة تسمى حالا والقدرة علة فيها في حق الحوادث
واما فى حقه تعالى فلا يقال القدرة علة فى كون الله تعالى قادرا بل يقال بين القدرة وكونه تعالى قادرا تلازم
وقالت المعتزلة بالتلازم بين قدرة الحادث وكون الحادث قادرا الا انهم لا يقولون بخلق الله الصفة الثانية بل متى خلق الله القدرة فى الحادث نشأ عنها صفة تسمى كونه قادرا من غيرخلق
*
الصفة الخامسة عشرة من صفاته الواجبة له تعالى كونه مريدا وهى قائمة بذاته تعالى غيرموجودة ولا معدومة وتسمى حالا
وهى غير الارادة سواء كانت الذات قديمة او حادثة فذات زيد خلق الله تعالى فيها الارادة للفعل وخلق فيها صفة تسمى كون زيد مريدا
وما تقدم من الخلاف بين المعتزلة واهل السنة فى الكون قادرا يجرى مثله فى الكون مريدا
bersambung ……..